الثلاثاء، 26 يونيو 2012

لوسي .. الاغنية .. و النجم الماسي !! (تلاعب بالعقول؟) ..

فرقة البيتلز غنت اغنية " لوسي في السماء مع الماسات" في عام 1967 م ..

بينما في عام 2004 أكدت إحدى الدراسات الفضائية انها اكتشفت نجما عبارة عن ماسة بالكامل ، و حجمها اكبر من الأرض !!

و اكدت ناسا اكتشاف هذا النجم الهائل الماسي !!

رابط الاغنية على اليوتيوب :

http://www.youtube.com/watch?v=yDl0qPfkSRw

رابط خبر النجم لوسي الماسي !!

http://news.discovery.com/space/planet-in-the-sky-with-diamonds.html

ايضا من موقع العربية :

http://www.alarabiya.net/articles/2010/12/11/129167.html

الاكتشاف تم بعد 37 سنة من صدور الاغنية !! فهل هذا معقول !!؟؟ ام اننا مخدوعون ؟؟

الاثنين، 25 يونيو 2012

مكتبة علاء الدين الإلكترونيّة : لماذا الهولوكوست بالذات ؟؟

في هذه المكتبة ، وجدت مجموعة من الكتب الاليكترونية التي تستطيع شراءها او تحميلها مجاناً كما تقول المكتبة .. لكن ما لفت نظري ، هو ان كل الكتب التي فيها ، بالرغم من قلة عددها ، كلها تتحدث عن المحرقة اليهودية و يوميات وشهادات اشخاص عاشوا المحرقة من اليهود الناجين !!



كذلك القيت نظرة على رابط "من نحن" الموجود في الموقع ، وايضا من الواجهة ، فوجدت هذه المعلومات :




اقتباس:
"" تعتبر مكتبة علاء الدين المكتبة الإلكترونية الأولى في العالم المتعددة اللغات والمجانية التي تُقدّم إلى المُشتركين فيها وصولا دائما إلى مجموعة من الكتب والمقالات المتوافرة على مدار الساعة وفي كل أيام الأسبوع. وتهدف هذه المكتبة الإلكترونية إلى تعزيز المعرفة المُشتركة بين أفراد من مُختلف الثقافات. فبإمكانك أن تقرأ أي كتاب بالكامل وأن تُحمّله بشكل مجانيّ وذلك للمرة الأولى من خلال هذه المكتبة الإلكترونية. وتسمح المكتبة للمُشتركين فيها أن يبحثوا عن أي كلمة من الكلمات المتوافرة في كتب ومقالات المجموعة.""




واقتبس ايضا :




اقتباس:
"" ونشأت المكتبة نتيجة لشراكة تهدف إلى خلق شبكة تضمّ منظمات غير حكومية ومؤسسات حكومية دولية ومجموعة من الناشرين في أوروبا والعالم الإسلامي بهدف توفير مصدر مُتعدد اللغات ومجاني وموثوق به من المعرفة والمعلومات المتوافرة بشكل سهل على شبكة الإنترنت.""




ايضا :




اقتباس:
""وتُشكل المكتبة الإلكترونية جزءا من مبادرة علاء الدين وهو برنامج ترعاه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة وهو يضمّ 200 مُثّقف وأكاديمي ومؤرخ ووجوه عامة من المسلمين واليهود والمسيحييّن وسائر الثقافات والأديان وذلك بهدف تعزيز مناخ التسامح والصداقة من خلال الحوار بين الثقافات ورفض تضليلات التاريخ كإنكار المحرقة النازية أو تتفيهها.""



اقتباس:
"" إنّ هدف مكتبة علاء الدين الوصول إلى ضمير كل قارئ لتنير على مجالات الحوار لتمكين العقل والمحبة من التغلب على العصبية والجهل. وباكورة منشورات مكتبة علاء الدين هو كتاب ينير في طياته على صفحات مظلمة لتاريخ الانسانية، تاريخ السفالة والمرارة وما أعني به هو كتاب إبادة اليهود



.. جاك أندريانى سفير فرنسا رئيس اللجنة العلمية لمكتبة علاء الدين الألكترونية ""

وايضا :



اقتباس:
"" وتستخدم هذه المجموعة معيارا واضحا في عملها وهو مدى معرفة المُسلم العادي بتاريخ اليهود واليهودية كديانة؟ ودرجة إطلاّع اليهودي العادي (أو المسيحي أو أي مواطن غربيّ) على الثقافة الإسلامية والدين الإسلامي؟""




ايضا هنا :




اقتباس:
"" وتملأ الأساطير والأقاويل والإشاعات هوّة الجهل الكبيرة المتوافرة وذلك في ظل غياب مصادر معلومات موثوق بها. وتُشكل مكتبة علاء الدين الإلكترونية محاولة لتصحيح هذه المسالة. وتعتبر الكتب الأولى الواردة في مجموعتنا ترجمات عربية وفارسية لبعض الكتب الكلاسيكية التي تتطرّق إلى موضوع المحرقة النازية التي شكّلت فصلا مُظلما من التاريخ الإنسانيّ.""




هنا نطرح بعض الاسئلة ..




1 لماذا الهولوكوست بالذات ؟ لماذا هذه المكتبة تحاول تصحيح رؤية المسلمين والعرب للمحرقة عبر نشر هذه الكتب ؟




2 لماذا تقول المكتبة في الفقرة الاولى ان هدفها هو "تعزيز نشر المعرفة بين افراد الثقافات المختلفة" ، بينما في الفقرات التالية تركز على موضوع المحرقة اليهودية كاول موضوع ؟ لماذا هي اول موضوع يطرح وتنشر له كتب في هذه المكتبة ؟




3 لماذا هذه الشراكة بين "منظمات الغير حكومية" و "المنظمات الحكومية الدولية" ؟؟ المنظمات الغير حكومية ، وطالما ان المكتبة تركز على موضوع المحرقة اليهودية ، فإن أول ما يتبادر إلى ذهني هو المنظمات الماسونية !! اما بالنسبة للدولية فإن الجميع يعرف من يدير الامم المتحدة كمنظمة حكومية عالمية ، طالما ان مقرها الذي أسست عليه كان هدية من روكفيلر المشهور الماسوني .




4 مرة اخرى : لماذا التركيز على "كشف ضلالات التاريخ كإنكار المحرقة النازية او تتفيهها" ؟؟ الا توجد ضلالات في التاريخ كثيرة عدا المحرقة اليهودية ؟ لماذا التركيز عليها فقط ؟؟ بدأت الأمور تزيد من نسبة الشك اكثر ..




5 لماذا المكتبة مهتمة بمدى معرفة المسلم العادي باليهودية واليهود؟ المسلم يقرأ في قرآنه كل يوم الكثير من اخبار اليهود وبني اسرائيل مما لا يعرفه اليهودي العادي عن يهوديته ربما !! فلماذا افتراض معرفة غائبة عن المسلمين لا يعرفونها عن اليهود واليهودية ؟ ام ان القصد اقحام "معرفة من نوع خاص" يتلقاها المسلم ويسلّم بها لانها ستكون نافعة في امور ما قد تحدث مستقبلا ؟ من يدري !!




6 نفس الادعاء مرة اخرى "المحرقة النازية التي شكلت فصلا مظلما من تاريخ الانسانية" !!! ما هذا ؟؟ الا توجد مآسي أخرى وفصول اكثر سوادا من المحرقة ؟ اين ذهبت قنابل امريكا النووية على هيروشيما و ناجازاكي ؟ اين ذهبت جرائم الجيش الامريكي في فييتنام ؟ اين ذهبت مصائب العراق ؟؟




بعد كل هذا ..




قمت بإجراء بحث بسيط .. لأجد المصيبة الكبيرة !!




طالعوا هذا الاقتباس من نفس موقع المكتبة ..




اقتباس:
"" يُعتبر مشروع علاء الدين مشروعا قيد التطوير كونه سيتم تعزيز محتوى المكتبة الغنيّ من خلال إضافة كتب ومنشورات جديدة. ويقوم جاك أندرياني Jacques Andréani وهو ديبلوماسي فرنسيّ مُخضرم ورئيس هذه المكتبة بالإشتراك مع لجنة خبراء المكتبة ومجموعة من الإختصاصيين""




اقتباس:
"" رئيس اللجنة : السيّد جاك أندرياني Jacques Andréani وهو ديبلوسي فرنسي مُخضرم وسفير سابق في القاهرة وواشنطن وهو يملك معرفة كبيرة في العالم العربي والشرق الأوسط.""




هذا ما ذكره موقع المكتبة عن اندرياني ، ولكن ماذا يقول محرك البحث Google ؟




بعد الترجمة من الانجليزية ، وجدت ان جاك اندرياني عضو في اللجنة التنفيذية في منظمة "اللجنة الثلاثية" الكبرى عالميا ، والتي تربط مصالح امريكا و أوروبا واليابان المشتركة .. والتي أسسها ديفيد روكفيلر الماسوني المشهور !!!


هذا هو ملف PDF يحوي قائمة الماسون التابعين للجنة الثلاثية التي يراسها روكفيللر ، و من بينهم (جاك اندرياني)


لا اريد التعليق اكثر .. اتركه لكم ..

الأحد، 24 يونيو 2012

مقتبسات من مقال الفيلسوف الملحد التطوري : مايكل روز "كيف اصبح التطور دينا؟"


مايكل روز


كاتب هذا المقال هو الملحد مايكل روز ، بروفيسور في الفلسفة وعلم الحيوان في جامعة جيولف ، ومؤمن بالتطور الدارويني .. يتحدث هنا في هذا المقال عن كيفية تحول نظرية التطور إلى عقيدة و دين علماني له توجيهات اخلاقية و سياسية وإيمانات وعقائدية ..

يعود مايكل روز إلى القرن الثامن عشر والتاسع عشر ليبين من وجهة نظره كيف ان التطور بدأ من ايراسموس داروين (جد تشارلز داروين صاحب كتاب "اصل الانواع") ، وانتقل الى الحفيد تشارلز ، ومن ثم قام توماس هنري هكسلي (المدعو بـ"بولدوغ" داروين) بتحوير التطور إلى ما يشبه الكنيسة على حد تعبيره والتي لها مبادئها وايمانتها ، بمساعدة الفيلسوف البريطاني هربرت سبنسر الذي دعا إلى أن يظل المجتمع حسب التطور في جو من الصراع يبقى في الافضل والاصلح ، والبقية الضعاف يواجهون قدرهم الحتمي ..

لا اطيل عليكم .. هذه مقتطفات من المقاطع التي آمل أني احسنت ترجمتها الى حد ما ..
----------------------------------------------------------------------------------------------------

المقال : HOW EVOLUTION BECAME A RELIGION

المقتطفات :

في عام 1980 كان الحاكم اليافع لآركانساس ، بيل كلينتون ، استخف بقاعدة منتخبيه وانهزم في جولة اعادة الانتخابات. لقد تعلم درسا لن ينساه ابدا، عاد الى مكتبه عام 1982 وظل حاكما حتى تم انتخابه رئيسا. خلال تلك السنتين، احتل قصر الحاكم رجل يدعى فرانك وايت، والذي تفاجئنا بانتخابه الذي كان مساويا فقط لعدم ملائمته للعمل .    

وبدون تمحيص ، وقع الحاكم وايت على مشروع قانون قدمه ممثل الولاية للمسيحيين الانجليكانيين، وناقشته اللجنة التشريعية في اقل من نصف ساعة. هذا القانون "العادل و المتوازن" يطالب بأن لا يتم تعليم الاطفال نظرية التطور فقط ، بل الانجيل ايضا – و مأخوذا بحرفيته . فمع عملية التطور البطيئة الباردة من كائنات بسيطة لتشارلز داروين ، يجب ان يتعلم الاطفال ايضا في حصص الاحياء ، أن آدم و حواء كانوا اناسا حقيقيين، وأن طوفان نوح قد عم الارض كلها.  

الدستور الامريكي يفصل بين الكنيسة والدولة . و مهما يحمل قانون اركانساس من بيداغوجية – وهي قليلة – فإنه غير دستوري بشكل واضح. قام اتحاد الحريات المدنية الامريكية بمعارضة هذا القانون، وقبل ان تنتهي السنة اقيمت محاكمة و تم ابطال القانون. كان شاهد الاتحاد هو الخبير المشهور ستيفن جاي غولد ، بروفيسور في هارفرد ، وعالم احافير ، واشهر تطوري في امريكا ، وايضا الفيلسوف الغير مشهور والبروفيسور في جامعة جيولف ، محدِّثكم .. 

لا زلت اتذكر المناقشة في محكمة اركانساس مع احد البارزين من الحَرْفِيين (المعروفون عامة ً بالخلقيين). دواين تي.جيتش، مؤلف الكتاب الاكثر مبيعا "التطور : الأحافير تقول لا!" الذي استاء بمرارة عندما شعر بأننا – كممثلين للعلم - متعجرفون بتفوق لا مبرر له .     

قال السيد جيش : " يا سيد روز ، مشكلتكم ايها التطوريون انكم لا تلعبون بشكل نظيف. تريدون ان تمنعونا نحن المتدينين من تدريس رؤانا في المدارس. بينما انتم كالمتدينين تماما و لكن بطريقتكم. المسيحية تخبرنا من اين اتينا، وإلى اين سنذهب، وما يجب علينا فعله. إني اتحداك ان تثبت لي اي اختلاف فيها مع التطور. انها تخبركم من اين اتيتم،وإلى اين ستذهبون،وما عليكم ان تفعلوه. انتم لديكم الهكم، و اسمه تشارلز داروين".  

في ذلك الوقت كنت احتقر ما قاله السيد جيش ، ولكني وجدت نفسي افكر في كلماته في رحلة العودة. ولا زلت افكر فيها منذ حينها . فعلا لقد وجـَّهت كلماته العديد من ابحاثي في العشرين سنة الماضية. يبدو انه من الهرطقة قول مثل هذا ، والعديد من اصدقائي العلماء سيكونون سعداء لو قيدوني على الخازوق واشعلوا قطع اللحم المتناثرة . الآن أعتقد ان الخلقيون مثل السيد جيش محقون تماما فيما قالوه.  

إن التطور يروج له اتباعه اكثر من العلم الخالص . لقد اصبح التطور ايديولوجية ، دين علماني ، بديل كامل للمسيحية ، يحوي المعنى والاخلاقية. أنا تطوري مـُخلص للتطور ومسيحي سابق ، ولكن علي الاعتراف ان هذه التهمة التي وجهها السيد جيش وغيره الكثير من الخلقيين صحيحة تماما. التطور دين ، لقد كانت حقيقة منذ البداية، ولا زالت حتى يومنا هذا  

الفيزيائي ايراسموس داروين كان احد التطوريين المبكرين في القرن الثامن عشر، وهو جد تشارلز داروين. لم يكن ملحدا،مؤمنا بالإله كعلة أولى أو محرك ثابت ، ككائن يقرر منذ البداية المآل المستقبلي للطبيعة، ويضع القوانين التي لا تـُخرق ، ولا يعيد تصرفاته بدا.   

في الحقيقة كان ايراسموس داروين يرى هذه "الربوبية" كتحدٍ للألوهية المسيحية والتي تتصوّر الاله يتدخل بشكل مباشر ومعجز في مخلوقاته. بالنسبة لإيراسموس داروين، كان التطور موافقا لاعتقاده بعملية الخلق المحددة بالقوانين، والتي وضعها إله غير متدخل. لقد كان هذا الاعتقاد جزءا لا يتجزأ لدينه البديل.   

وفق هذه الرؤية ، اضاف جد داروين حماسة متعصبة لتقدم اجتماعي –  تتجسد في الثورة الصناعية – (والتي نجدها في علمه؟) . ايراسموس شاهد تقدما اجتماعيا بدأ من مجتمع قروي بسيط إلى المدينة الحديثة المعقدة ، وبالقياس على ذلك ، اعتقدَ ان التطور يتقدم عمليا من البساطة ومن الاجسام اللامتمايزة من اشكال الحياة الأولى (المعروفة بالكائنات احادية الخلية) إلى التعقيد العضوي الكبير ، الجنس البشري. 

في تقدميته تلك – خصوصا مع اعتقاده بأننا نحن البشر نثبت و نستطيع ان نثبت هيمنة وجودنا – وقف ايراسيموس بوضوح ضد المسيحية ، والتي تشدد بأن الخلاص لا ياتي إلا من خلال الإله. بالنسبة للمسيحيين، فإن مكاسبهم العظيمة عادت للصفر.
وبالتالي ظهر التطور للوجود كايديولوجية علمانية ،كبديل واضح عن المسيحية. فهو يضع القوانين مقابل المعجزات ، وبالقياس، فهو يروّج للتقدم مقابل العناية الإلهية.  

وهكذا توالت الامور ، ففي عام 1958 ، نشر ابو الفكر التطوري الحديث تشارلز داروين كتابه "اصل الأنواع" . تمنى داروين في كتابه ان يغير الامور ويجعل تاثير النظام التطوري الايديولوجي اقل. لقد قدم نظرة نظامية لعالم الأحياء. موضحا كيف ان العديد من العوامل المختلفة – كالسجل الاحفوري والتوزيعات الجغرافية للاحياء ومكتشفات الاجنة – تشير إلى التطور. و في نفس الوقت ، قدم الآلية الشهيرة "بالإنتخاب الطبيعي" : فبسبب الضغوط السكانية تزدهر بعض المخلوقات وتنتشر وبعضها لا ، وعبر العصور ، فإن البقاء للأفضل سيؤدي إلى تغيير شامل.       

ولكن كل جهود داروين أ ُحبطت جميعا من قبل مؤيده الكبير و "بولدوغه" الشهير ، توماس هنري هكسلي.


عندما مات المسيح لم يترك خلفه دينا عمليا . بل كان ذلك من عمل اتباعه ، خصوصا القديس بولس، وكما نعلم جميعا فإن مسيحية القديس بولس لم تكن متطابقة تماما مع مسيحية المسيح. تماما الرسول المعظم والمسيحية ، كان هكسلي – أحد ابرز العلماء واعظم المعلمين والمصلحين الاجتماعيين في ايامه – بدأ بإنكار ورفض التطور ، وعندما غيـّر دينه اصبحت لديه نفس الحماسة المتعصبة لبولس. 

وايضا كما فعل بولس ، وكما بجل هكسلي تشارلز داروين، وجد في كتابات المعلم تلميحا لأشياء كان يريدها هو لنفسه. ولأجل الوصول إلى غاياته، وصل هكسلي إلى نفس العواقب التي وصلها بولس قبله : نظاما عمليا ، ولكن ليس لأجل الرجل الذي عمل وبشّر من أجله .

ظهر اصل الانواع في ذلك الوقت ايام الحكم الفكتوري في بريطانيا متناسبا مع اهمية تحوّل البلاد من مجتمع مؤسس ريفياً وشبه إقطاعي و جعله ذا مستقبل مدني متحضر و صناعي. كانت هناك حاجة للتغير في كل مكان : في الخدمة المدنية، اذ يجب اخذ الأكفأ وليس من خلال الصلات. في الطب ، اذ على الاطباء ان يوقفوا قتل المرضى ويبدأون بعلاجهم. في التعليم ، اذ يجب تعلم ما يهم لليوم وليس لتمجيد الماضي. هكسلي وأصحابه غيروا في كل هذا – هكسلي نفسه كان عميد كلية، وخدم كعضو في مجلس مدرسة لندن الجديدة ، وفي العديد من المجمعات الملكية و مطلعا على امور الدولة.    
   
في الحقيقة ، وجد هكسلي ان المسيحية – خصوصا الكنيسة الانجليكانية – مدعمة بالسلطة والقوة. وحاربها بقوة ، واشهر ما يدل على ذلك عندما ناظر صامويل ويلبرفورس، اسقف اوكسفورد.( مفترضا فيما لو أن أحدا ساله من اين إنحدر هو من القرود : من جهة جده ام من جهة جدته ، فإنه سيجيب انه سيكون من منحدرا من قرد بدلا من ان يكون منحدرا من اسقف في كنيسة انجلترا.)      

وكمصلح إجتماعي ، بالتالي ، فإن هكسلي الذي اصبح معروفا في الصحف بـ"البابا هكسلي" قرر ان يوجد بديلا للمسيحية. إن التطور، بقوانينه التي لا تخترق – والذي يعكس رسائلا للتقدم الاجتماعي – كان هو المرشح الافضل. الحياة تسير على سلم متحرك يصعد للأعلى. لقد وصلت إلى بريطانيا الفكتورية. ومن يدري عن الامجاد والانتصارات التي ستتحق بعد ؟ تماما كرؤية القديس توماس – شيء يـُبشّر به طولا وعرضا ، نوادي للعمال، مجمعات علمية عامة، مجتمعات مـُناظِرَة، مجالس جامعية حيث كورنثيات وغلاطيات هكسلي.  

وبإدراك تام بأن الدين الجيد يحتاج لرسالة اخلاقية و تاريخ ايضا و وعدا بمستقبل أفضل. أخذ هكسلي يتحول تدريجيا من داروين (والذي لم يكن جيدا في دعم هكذا اشياء) تجاه تطوريين إنجليز آخرين.   

هربرت سبنسر ـ- الكاتب غزير الانتاج و الفيلسوف الشعبي جدا عند الجماهير -- شارك هكسلي في رؤيته للتطور كنوع من الميتافيزيقا بدلا من العلم الصريح. كان سعيدا بإصراره على انه حتى التوجهات الاخلاقية تخضع للعملية التطورية نفسها.  


"الداروينية الإجتماعية" ( أو بالاصح : السبنسرية الاجتماعية) اتخذت التطور كمـُلزم لحدوث الصراع و نجاح الاقلية، وهكذا اصبحت الرسالة الاخلاقية مفهومة كحماسة متعصبة للفردية الغير قابلة للتدخل. فعلى الدولة ان تبقى خارج ادارة المجتمع ولا تتدخل فيه، والافضل سيصل إلى القمة، وعلى الفاشلين ان يقبلوا بمصيرهم الذي يستحقوه. 


بالطبع توجد اختلافات بين الداروينيين الاجتماعيين. كذلك الشيوعيين والماركسيين والفوضويين برروا معتقداتهم وافكارهم بإسم داروين. لكن النقطة المقصودة هي ان تسخير التطور إلى غايات اخلاقية وحتى سياسية، جاءت خلال القرن التاسع عشر.


والمقصد الاهم من هذا كله أنها لا زالت مستمرة حتى القرن العشرين.  خضعت الافكار التطورية إلى تغييرات كبيرة في ثلاثينات واربعينات القرن العشرين، حيث تقدمت دراسات علمية تطورية متخصصة – علمٌ متخصصٌ يستطيع الوقوف على قدميه و بجدارة. غير محتاج إلى مشروع بديل يعمل كايديولوجيا علمانية. ولكن هذه الايديولوجيا العلمانية او الدين العلماني بالكاد طوى خيامه وغادر. أحد أعظم الكتب في هذه الفترة كان كتاب "دين بدون ثورة" للتطوري جوليان هكسلي، حفيد توماس هنري، لمنشور عام 1972، نقـّح الكتاب (للمرة الثانية) وإعيد اصداره في خمسينات القرن الماضي.  


كتب هكسلي : "كل الفكر والعواطف ، حتى العليا منها ، نتجت من العقل الطبيعي، والذي يمكن تتبع تقدمه البطيء في تطور الحياة. لذا في الحياة بشكل عام والإنسان خصوصا هما جزء من أجزاء جوهر العالم ، و والتي منه انبثقت خصائص الانسان العقلية الكامنة الى اوسع مداها." كالعادة قام التطور بكل شيء كان خاصا بالدين بل و أكثر.   


في وقتنا الحاضر ، تقدم التطور المتخصص. ولكن الدين القديم بقي و تقدم معه على طول الخط. التطور الان يحمل رؤاه الاسطورية. وصليب القديس جون الخاص به . عالم الحشرات والاجتماع الحيوي في هارفرد، إدوارد او. ويلسون يخبرنا بأن لدينا الآن "اسطورة بديلة" لمعاداة الدين التقليدي. {يقول :} " لديه سرده الملحمي : بداية من تطور الكون من الانفجار العظيم منذ خمس عشرة مليون سنة مضت، و عبر أصول العناصر والاجيام الفضائية حتى بدايات الحياة على الارض" .   


وبفضل التقليد القديم للتنظير التطوري – من خلال قراءة اخلاقياته ونظرته السياسية في علومه ونشرها مرة اخرى – حذرنا السيد ويلسون بأننا تطورنا بعلاقة تكافلية مع بقيةالطبيعة الحية ، وإن لم نحافظ على التنوع البيولوجي فسوف نهلك كلنا. ومعتمدا على "التدبيرية" التي تلقاها في طفولته في الجنوب المعمداني ، وعلى بلاغة وحماسة بيلي جراهام، يتسول إلينا السيد ويلسون أن نتوب ، وننهض ونعترف بخطايانا ونمضي قدما في طرق التطور. لقد فعلنا هذا ولكن في وقت قصير ، سيسقط الظلام الاخلاقي علينا جميعا.


إن لهجة ستيفن جاي غولد كانت اكثر قوة . لقد تعلمنا ان التطور "يحرر الروح البشرية" ، اذ ان نشوة التطور المطلقة "تهزم اي اسطورة عن اصل الانسان بسنين ضوئية" ، وعلينا ان" نمجد هذه السلسلة التطورية – كمكان اكثر استقرارا للروح البشرية من اي راحة ضيقة او محدودة نادت بها علوم الاعصاب المتضخمة التي تجعل مصدر الوجود الفيزيائي مجهولا وغامضا". 


رفض السيد جولد تماما القراءات التقليدية للتطور من اجل رؤية محررة وملهمة : " علينا انفترض ان الوعي لم ينشأ على كوكبنا لو ان كارثة كونية لم تجعل من الديناصورات ضحية . وبمنطق حرفي تماما ، نحن مدينون بوجودنا ، كثدييات كبيرة ومنطقية ، إلى نجوم الحظ". إذا لم يكن هذا تحديا لتعاليم اليهودية-المسيحية – والتي تقول بان وجودنا ليس عشوائيا ، بل لان الله خلق السموات والارض – فلا اعلم ماذا قد يكون .  


ما الاخلاقيات المراد اعتمادها من كل هذا ؟ ربما تعتقدون ان الوقت قد حان لانقاذ الداروينية من الداروينيين.


النقطة المهمة هي ان ندرك متى يذهب البعض من وراء العلم الجاد تجاه ادعاءات اجتماعية واخلاقية، متوقعين ان نظريتهم هي صورة محيطة بكل العالم. في الغالب الاكثر ، هناك مرحلة انتقال من العلم إلى شيء آخر، وهذه الانتقالة غير مذكورة وربما حتى غير مدركة.  

السبت، 23 يونيو 2012

حقائق مغيّبة عن قائد المانيا النازي ادولف هتلر ..

1 " أدولف هتلر" جاء إلى الحكم بفضل الصندوق،

2 الإنجليز فعلوا أكثر مما فعله "هتلر" وكذلك اليابانيون أيام الحكم الإمبراطوري. فلماذا ينقم العالم على "هتلر"  بينما نسي جرائم اليابانيين بعد انتهاء حكم الإمبراطور وجرائم الإنجليز ضد الإسكتلنديين وجرائم نظام جنوب إفريقيا فور انتهائها، وجرائم فرنسا ورؤسائها في الجزائر، وجرائم أمريكا في فيتنام وابادتهم للهنود الحمر؟!.

3 يذكر أن "أدولف هتلر" يتحدث في كتابه (كفاحي) والذي كتبه أثناء احتجازه في السجن عام 1924 الكثير من عبارات القرآن الكريم منها (حتى يلج الجمل في سم الخياط) في وصفه لليهود وعدم إمكانية إصلاحهم.

4 قال : "إن هناك ثلاث قوى متحضرة احتلت العالم هم الفرس والروم والعرب "المسلمون" أما الفرس و الروم فقد كونوا حضارة ثم قوة ثم استعملوها لغزو العالم عكس العرب "المسلمين" الذين كانوا "عصابات همجية"- حسب قوله- احتلت العالم ثم بعدها كونوا حضارة. ومميزات حضارتهم- حضارة المسلمين- أنهم لم يفرضوا حضارتهم أو يلغوا حضارة الآخرين بل أضافوها إلى غيرها من الحضارات فكانت الحضارة الإسلامية دليل تحضر أهلها.

5 أعجب هتلر بها {الحضارة العربية} وبالدين الإسلامي الذي كان الحاضن الفعلي لهذه الحضارة، فطبع المطبوعات التي تعرف الناس بالإسلام ووزعها على جيشه ليتعرفوا عليها وخصوصا غير المسلمين رغم ظروف الحرب الكونية ساعتئذ.

6 كان يعطي المقاتلين الألمان من المسلمين الحق بالصلاة في أي مكان وفي أي وقت مهما كانت الظروف فكانوا يصلون جماعة في ساحة برلين وهو ينتظر حتى يكملوا صلاتهم ليلقي بعدها خطاباته للجيش النازي


 

7 هتلر لم يكن دكتاتوراً كما يقال عنه لانه وصل الى الحكم بطريقة شرعية جداً وهي الانتخابات وحزبه حزب العمال الاشتراكي المعروف بالنازي فاز بالانتخابات الألمانية لثلاث مرات متتالية وفي المرة الأخيرة حقق فوزاً نسبته 47% من مقاعد الرايخستاغ الألماني .

8 هتلر استلم بلد مهزوم ومدمر ومكبل باتفاقية مذلة هي معاهدة فرساي المذلة التي جعلت المانيا تتكفل بدفع تعويض كامل عن اضرار الحرب العالمية الأولى ! استطاع هتلر بذكاءه العالي وفطنته ان يجعل ألمانيا الدولة الصناعية الاولى في اوروبا والعالم وفي عهده تم التأسيس لالمانيا العظمى التي تمتلك افضل مصانع للسيارات والطائرات والماكينات والأسلحة في العالم ! والنهضة الألمانية الحديثة ما هي الا امتداد للنهضة العلمية والصناعية التي أنشأها هتلر واغلب شركات المانيا المشهورة في صناعة السيارات مثلاً انشئت بدعم من هتلر ( شركة فولكس واجن عملاق السيارات الألمانية كمثال ) !

9 رفض ادولف هتلر شرب "البيرة" الخمر كعلاج وصفه له احدى الاطباء حينما كان هتلر يعاني من توتر شديد في اعصابه نتيجة الظروف القاهرة التي مرت بها المانيا قبيل نهاية الحرب . وسبب امتناعه عن تناول الخمر كدواء .. هو قوله :

(
كيف يمكن للمرء ان يحتسي الخمر كدواء وهو لم يحتسيه طيلة عمره ) .

حيث كان شرابه المفضل هو الشاي المعلب باكياس الشاي الجاهزة .. فلم يشرب ادولف هتلر الخمر طيلة حياته .

10 كان الزعيم الالماني ادولف هتلر يحث رجاله ومساعديه على ترك التدخين ووعد كل من يترك التدخين بهداءه ساعة مطلية بالذهب وفعلا كان قد اوفى بعهده للكثير ممن استطاعوا ترك التدخين ..

الفيلسوف الفرنسي فولتيير وعلاقته بالماسونية ..

بعد اطلاع على ما كتبه رمسيس عوض في كتابه (الالحاد في الغرب) ، وبالذات ما كتبه عن فولتير منقولا من مصادر تاريخية ، اتضح ان فولتيير يريد اخفاء حقيقة معتقده تجاه وجود الله ، فمن الواضح للعيان تماهيه وغموضه الشديد حيال هذه القضية اذا جاء ليكتب عنها في ادبياته ورسائله ..

نجده تارة يؤكد بشكل مبالغ فيه على اهمية وجود الله للحكومات وللمجتمعات ، وانه يقع في مصلحة البشر ان تؤمن به مثل عبارته (لن تصلح حال مجموعة من البشر وتستقيم اخلاقيتهم الا بوجود اله عادل يحكم على المسيء ويحكم للمحسن) ، وكذلك عبارته :(لو لم يوجد اله لاخترعناه)، أيضا يسخر في بعض كتاباته بالملاحدة ببضع عبارات هنا وهناك .. من مثل مقولته : "إن إثبات وجود الله يعتبر من اصعب الامور ، ولكن مسألة انكاره أمر يجلب الضحك " ..

ولطالما دافع فولتيير عن المذهب التأليهي الذي عرّفه بأنه "إيمان الفلاسفة بوجود الله" او "الإله الذي يعبده الفلاسفة " ، وبنفس الوقت هاجم هجوما قويا ولاذعا على الدين ووجه له الكثير من الانتقادات ، كان اشدها نقده الحاد للدين في مقالته عن ليبنتز الفيلسوف الفرنسي الذي انتقد فيها تفاؤله المفرط على حد تعبيره ..

لكن العبارة التي تستحق الوقوف طويلا عندها وتأملها هي هذه العبارة التي اوردها فولتيير في احد ادبياته والتي كشفت الكثير عن حقيقة معتقده التأليهي ..

العبارة هي : "إن الله هو عالم الهندسة الخالد " ..

هذه العبارة اوضحت وبشكل لا يقبل الشك عن "ماسونية" فولتيير وعضويته فيها ، هذا اذا علمنا ان الماسونية منظمة تؤمن بوجود رب تسميه "مهندس الكون الاعظم" ..

وعلى هذا نستنتج ان القائلين بأن عصر التنوير - الذي اشتهر فيه فولتيير وغيره من رواد التنوير كديدرو ومونتسكيو - ليس الا عصرا ماسونيا هدف في تلك الفترة - ولا زال - الى نشر الالحاد والتشكيك بالدين و التجرؤ على نقده علنا وفي الاوساط الثقافية وحتى الشعبية .. نجد ان استنتاجهم هذا لم يجانبه الصواب في كثير من النقاط ..


وهناك عدة شواهد تؤكد على ماسونيته اجريتها في بحث سابق ، منها : 

1 كان فولتير الماسوني يسمي الشعب باسم الأوباش:
"الشعب غوغاء وأنتم أيها الماسون النخبة فإياكم أن تمتزجوا به فتفقدوا شرفكم، إنما الشعب فقط آلة في أيديكم"

2 يقول الأخ فولتير: " لا يكون الكذب رذيلة إلا إذا أضرّ بصاحبه ، أما إذا أفاده فيكون فضيلة عظيمة ... اكذبوا يا أصحابي اكذبوا" (!)

3 تقول المجلة الماسونية التركية "ميمار سنان" عن هؤلاء الأشخاص:
"تم الترتيب للثورة الفرنسية من قبل الجماعات الماسونية. لقد كتب إعلان حقوق الإنسان الذي يتبنى مبادئ الحرية والمساواة والأخوة بإلهام وتوجيه من الأسياد مثل مونتسكو، فولتير، روسو وديديروت 
.
وتقول "المجلة الماسونية" الصادرة عن الماسونيين الأتراك أيضا 
:
"إن الدعائم التي قام عليها نظام الضغائن في فرنسا والذي أشعل فتيل الثورة الفرنسية تم وضعها من قبل مونتسكو، فولتير، روسو والمادي القائد ديديروت الذي التف حوله الموسوعيون. كلهم كانوا ماسونيين

4 وطبقًا للمؤلف النمساوي فإن الثورة الفرنسيَّة عام 1789 وقف من خلفها الماسون وأن مبادئ الثورة الثلاث الحريَّة.. الإخاء.. المساواة هي مبادئ ماسونيَّة ونابليون كان ماسونيًّا، فضلا عن فولتير وكليمنصو وغيرهما

5 صلة الماسونية بالفيلسوف فولتير: هو أول من هاجم المسيحية الغربية ووصفها بأنها مخالفة للإنسانية وأنها سبب الاضطهاد وسفك الدماء وأنها مخالفة للعقل.


This apron was gifted by Helvetius to Voltaire on the night of his initiation into the 'Lodge of 9 Sisters' in Paris (April 7th 1778). The legend says that Voltaire, acutely moved by receiving this apron, took it to his lips to kiss it respectfully.


الترجمة : 

أهدي هذا المئزر الى فولتيير من قبل هلفيتوس في ليلة انضمامه الى محفل الاخوات التسع الماسوني في باريس 1778م .. وتقول الاسطورة ان فولتيير تأثر بإهدائه هذا المئزر ووضعه بين شفتيه وقبّله باحترام .



7 كان فولتيير محاميا عن البروتستانت في فرنسا . وانفق الكثير من ماله لأجل هذه القضية . (المصدر : http://www.masonicdictionary.com/voltaire.html)

Voltaire was a protector of Protestants, and spent his money freely in that cause

الخميس، 21 يونيو 2012

ادوين كارتليج ناقدا لسام هاريس في مقاله : "الأخلاق بدون استعلاء"

إدوين كارتليدج

 الصحفي ادوين كارتليدج ، المهتم بشؤون الفيزياء وعلاقة العلم بالدين ، كتب مقالاً ينتقد فيه كتاب سام هاريس "المشهد الاخلاقي" الذي صرح فيه هاريس أن بإمكان العلم ان يحدد القيم الاخلاقية المناسبة للبشرية ، رافضا بذلك الدواعم الثقافية والذاتية والاجتماعية للقيم الأخلاقية كما هي موجودة في المجتمعات البشرية حاليا ، فمن وجهة نظر هاريس ، أن "العلم" وليس "الإنسان" هو من يحدد لنا القيم الأخلاقية وأن العلم بإستطاعته الإجابة عن ذلك ..

و هذا المقال بعنوان :

الاخلاق بدون استعلاء : كيف يمكن للعلم تحديد القيم الانسانية؟

تفضلوا بالقراءة ..

------------------------------------------------------------------------------------------

الاخلاق بدون استعلاء : كيف يمكن للعلم تحديد القيم الانسانية ؟
ايدوين كارتليج


عندما تفقّد علماء الأنثروبولوجيا جزيرة دوبو في بابوا غينيا الجديدة في عام 1930، وجدوا مجتمعاً مختلفا جذرياً عن ذلك الذي في الغرب، وتبيّنَ أنّ قبيلة الدوبو يركز أفرادها في حياتهم على السحر الأسود، ويلقون التعويذات على جيرانهم لأجل إضعافهم، وربّما قتلهم، ومن ثمّ سرق محاصيلهم. إنّ هذا التشبث بالسحر الأسود قد نتج عنه الفقر المدقع والقسوة، فضلاً عن انعدام الثقة الذي تفاقم بسبب اعتقادهم أنّ التعويذات كانت فعّالة أكثر عندما تستخدم ضد أناس يُعرفون أكثر بصلاتهم الوثيقة.




إنّ قبيلة الدوبو مثالٌ صارم عن مجتمعٍ قيمه الأخلاقية خاطئة من وجهة نظر سام هاريس الفيلسوف وعالم الأعصاب، الذي تصدّر بكتابيه قائمة أفضل المبيعات : "نهاية الإيمان" و"رسالة إلى أمة مسيحية".




وقد صدر مؤخراً كتابه الجديد "المشهد الطبيعي الأخلاقي: كيف يمكن العلم تحديد القيم الإنسانية"، يعلن فيه هاريس لماذا يعتقد أنّ القيم ليست ذاتية ومنوطة بالثقافة، كما يُعتقد على نطاق واسع، فبدلاً من ذلك، يقول هاريس، أنّ القيم هي نوعٌ معين من الحقيقة - حقائق تتعلق بسعادة المخلوقات الواعية - وبالتالي من الممكن، على الأقل من حيث المبدأ، تقييم تلك الحقائق بصورة
موضوعية. إنّ الكتاب من عنوانه مفادُه أنّ نُظماً أخلاقية معينة سوف تنتج" قمم" السعادة الإنسانية، في حين أنّ النُظم الأخرى، كنظام قبيلة الدوبو، سوف يفضي إلى مجتمعات موسومة بمستنقع من المعاناة. ويؤكد هاريس أنّه من الممكن تحديد هذا بصورة موضوعية أنّ تلك النُظم الأخلاقية أفضل من نظام قبيلة الدوبو.



هاريس ليس أول شخص يؤيد بناء قاعدة موضوعية للأخلاق. فالعالم البيولوجي الأمريكي إدوارد ويلسون، على سبيل المثال، قد وضّح من قبل كيف يرى أنّ المبادئ الأخلاقية يمكن برهنتها على أنّها ناتجة بموضوعية عن التطور الثقافي والبيولوجي للإنسان. لكن في خضم جدلية وجود قاعدة موضوعية للأخلاق، فإنّ هاريس يضع نفسه على خلاف مع مبدأ وضعه الفيلسوف ديفيد هيوم في القرن الثامن عشر، ويعتبر العديد من الفلاسفة والعلماء في الوقت الحاضر أنّه مبدأ لا يمكن انتهاكه : ذلك أنّ الأحكام عن "كيف ينبغي أن تكون الأشياء" لا يمكن استخلاص أحكام منها عمّا هو حقيقي . بمعنىٍ آخر، من المستحيل استخلاص القيم
من الحقائق.


يصرف هاريس النظر عن هذا الاستنتاج، و كذلك الاعتراض القائل أنّه لا يوجد أساس لتفضيل نظامه الأخلاقي على أيّة نُظُم أخرى . فهو يعتبر نظامه الأخلاقي بديهيّا في جوهره، أنّه يتعلق بالسعادة، بحجّة أن بعض الممارسات، كإجبار المرأة على ارتداء البرقع من رأسها إلى أخمص قدميها، مرتبطة للحدّ من السعادة، فمن وجهة نظره، ليس من الصواب اعتبار كل الممارسات الثقافية صالحة بصورة متساوية، ويؤكد أنّ التعددية الثقافية والنسبية الأخلاقية خاطئتان.



إنّ من شأن هذا اليقين العقائدي في تفوّق بعض القيم الأخلاقية على الأخرى، يبدو و كأنّه يضع الملحد الصريح في تحالف غريب مع المؤمنين الدينيين، خاصة مع البابا الحالي، الناقد المتطرف للتفكير النسبي . لكن بالتأكيد سام هاريس ليس حليفاً للدين وهو الذي يؤكد أنّ المذاهب الميتافيزيقية الدينية ليست وحدها زائفة بل دوغمائية المذهب بحد ذاته ، و تـُعيق التوصل إلى فهمٍ أفضل لما يمنح البشرية من الازدهار.

إذاً، كيف يحددّ هاريس أيّاً من المبادئ الأخلاقية صحيحة بصورة موضوعية ؟ بينما يُميّز بعض المعتقدات الأخلاقية باعتبارها إرشادات جديرة بالثقة لإنتاج مثل هذه السعادة المطلقة لجميع الأغراض العملية ؟ و يعتقد أنّ الكذب ليس أحد هذه المبادئ، لكن يجب إسقاط قول الحقيقة في بعض الحالات عندما يتعارض مع السعادة، ويقول، على سبيل المثال، سيكون من الخطأ لو أنّ شخصاً قام بإنذار القوات النازية الخاصة Schutzstaffel إلى وجود اليهود عند جاره في الطابق السفلي عندما يُستفسر عن الأمر.


يتضح في نهاية الأمر أنّ هاريس شخص غائي consequentialist حسب قول الفلاسفة، إذ يعتقد أنّ القيمة الأخلاقية للفعل تترتب على نتائجه القابلة للقياس. و يقول أن العلم - وخاصة العلوم العصبية - سوف يلعب دوراً أساسيا على نحو متزايد في تقييم صحة الطرائق البديلة للفعل، وسوف تكشف مقاييس الدماغ عن سعادة الإنسان بالدقة في حالةٍ مطروحة، و بناء عليه سيكون دليلاً جديراً بالثقة أكثر من تقارير ذلك الشخص عن نفسه كيف يشعر، فمن الممكن أن نعتقد أننا نشعر بالشفقة، عندما لا نكون كذلك، أو نعتقد أنّنا نحب أطفالنا بالمساواة عندما لا نحبهم في الحقيقة. ويعبر عن ذلك بنفسه، "إن عالم القياس وعالم المدلول لابّد أن يتوافقا في نهاية الأمر."


إذاً، ماذا يمكن أن نفهم من ذلك؟ فما من شك أنّ العلم يمكنه أن يكون مهماً في مساعدتنا لاتخاذ أحكام أخلاقية، كما أنّ بإمكان المقاييس الدقيقة أن تحيطنا بمعلومات عن حجم الألم الذي تشعر مختلف الحيوانات في الحقيقة، وبالتالي تساهم تلك المقاييس في أحكامنا عن الاختبارات أو التجارب التي تًجرى على الحيوانات. كما أن معرفة كيفية تطور الإنسان ونموه داخل الرحم تزودنا بمعلومات مهمة للغاية في تشكيل آرائنا حول الإجهاض وأبحاث الخلايا الجذعية . و لكن رغم أن البيانات العلمية تساهم في قراراتنا في مثل تلك المسائل الأخلاقية، إلا أنّها لا تستطيع تحديدها . و رغم أنّ هيوم أدرك ذلك إلاّ أن هاريس ينكر. إن إخبار هذه البيانات لنا بما قد يحدث في بعض الحالات ، يختلف اختلافاً جوهريا عمّا تخبرنا بما ينبغي أن نفعله في الاستجابة على ذلك.


لا يمكن إنكار أنّ سعادة الإنسان أو (الحيوان) هي مسألة أساسية من المسائل الأخلاقية. لكن كيف لنا أن نقرر ما الذي يعتبر من السعادة؟ يترك هاريس هذا المفهوم مفتوحاً بتعمّد، قائلاً في ذلك أنّه يمكن أن يشمل كل شيء من الإحساس المرء بالشفقة إلى إشباع الفكر، إضافة إلى أدق أفكار المتعة الأساسية لبعض أشكال مذهب المنفعة. لكن هل سبق إن وضع تعريفاً مستفيضاً للسعادة حتى ولو نظرياً، إضافة إلى معرفة ما الوزن النسبي لتوزيع كل من مكوناتها ومن ثمّ القدرة على ربط هذه المكونات بحالات الدماغ الفعلية؟ هاريس لا يجيب عن هذه الأسئلة بشكلٍ مقنع.


علاوة على ذلك، فإنّ لدى هاريس نزعة لاختيار أمثلة داعمة متطرفة في تعزيز وجهة نظره في أن نتمكن من تحديد القيم الأخلاقية بصورة موضوعية. فقلة من الناس سيختلفون في الرأي أنّ الحياة القصيرة الأجل لامرأة لم تعرف سوى
الجوع والخوف والعزلة وسط حرب أهلية ضروسة، تلك أفضل من حياة امرأة تعيش حياة زوجية سعيدة وطويلة الأجل، ووثيرة مالياً ومرضية فكرياً وعاطفياً. إنّ الأمر غامضٌ أكثر بكثير من أن نقارن بين امرأتين لديهما مستويات مماثلة من الرفاهية المادية لكنهما يعيشان في مجتمعين منظمين بطريقة مختلفة، مثل السوق الحرة الأمريكية والرفاهة السويدية المتألقة. صحيح أنّ هاريس يقول أن مشهده الطبيعي الأخلاقي يمكن أن يكون له قمم متعددة، لذلك ربّما كان يقول ليس هناك من سبب لماذا هاتين الحياتين لا يمكن أن تتواجدا على قمتين موازيتين. لكن بالاعتراف أن هناك الكثير من القمم فذلك يأخذ القوة من حجّته. يمكن أن يخبرنا هيكلية نظامه الجواب الصحيح في بعض الحالات ولكن ليس في الأخرى.


وعلى أيّة حال، يبدو الأمر في غاية البساطة القول أن الأخلاق يمكن اختزالها في أنّها تعزو أهمية قصوى إلى السعادة. و هذا صحيح بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بمفاهيم أكثر تجريداً مثل الحقيقة والعدالة. في حين أن الكثيرين سيوافقون على أن الكذب هو الشيء الصحيح فعله في حالاتٍ قصوى معينة، مثل حالة اليهود المتخفـّين. فمن المرجح أن يعتبر على نطاق واسع كشيء خطأ فعله في حالاتٍ أخرى، حيث أنّه و مع ذلك سيزيد من سعادة الإنسانية . قد يقدم دليلاً على أن تسجن القاتلة، الأمر الذي يقلل، في بعض الحالات، من المجموع الكلي للسعادة الإنسانية ـــــ فربّما كانت الضحية جلاّد الزوجة، وأطفال القاتلة سوف يتركون يتامى في حال سجنت ــــــ لكن قد لا يزال ينظر له ما يبرره كإجراء مناسب أخلاقياً، لذا فإنّ المنفعة الغائية consequentialist utilitarianism  لهاريس تبذل ما في وسعها لخلق اتجاه أخلاقي لحالة من هذا القبيل.


المشهد الطبيعي الأخلاقي هو كتاب يثير التفكير، وبالتأكيد يستحق القراءة، لكنه غير مقنع في نهاية المطاف. إن ضعف هاريس يكمن في ولعه المفرط بالأناقة النظرية. ويبدو صحيحاً بوضوح أن بعض النظم الأخلاقية أفضل من غيرها، و من المنعش حيث أنّه ينتقد التفكير المتصدع للنسبيين الأخلاقيين. لكن لا يجب أن يؤسس الأخلاق بصورة موضوعية حتى يكون له قوة وتأثير . في الواقع، إن ربط الأخلاق بالعلم له سِجِلٌّ مختلط للغاية. في حين تم الاحتكام إلى نظرية التطور الداروينية في دعم قضايا تعتبر الآن صائبة أخلاقياً على نطاق واسع . مثل إلغاء تجارة العبيد. كما كانت تستخدم أيضاً لتبرئة تلك القضايا التي تعتبر الآن مشمئزة كعلم تحسين النسل eugenics.


النقطة المهمة هي أنّ القيم ليست استنتاجات منطقية مبنية على مقاييس العمليات تجري داخل عقول الشعوب ولكنها تصل، بدلاً من ذلك، عبر عملية تفاعل معقدة ومتطورة باستمرار من التجربة والتفكير والنقاش. فالقيم كما هي، ينبغي أن يقررها المجتمع ككل، وليس كما يريد هاريس من قبل مجموعات من الخبراء. على أيّة حال هنالك كائن خارق للطبيعة، لذا تقصر رؤية هاريس للأخلاق عن بلوغ الهدف لأنّها مادية ضيقة. فالأخلاق رغم أنّها فرعٌ من العلة لكنها ليست علما.