السبت، 27 أكتوبر 2012

كشف أثري غير مسبوق في مخازن المتحف المصري: العملات النقدية. اكتشاف فرعوني!

بتاريخ : 22 سبتمبر 2009

كشف أثري غير مسبوق في مخازن المتحف المصري: العملات النقدية. اكتشاف فرعوني!

المصدر: الأهرام اليومى

http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=2591&eid=889





الفراعنة سجلوا على عملاتهم قيمتها وتاريخ سكها واسم وصور الالهه والملوك

     في اكتشاف أثري هو الأول من نوعه اكتشف عدد من الباحثين وعلماء الآثار المصريين كنزا من العملات النقدية التي تعود إلي عصور بعض الأسر الفرعونية, وأهمية هذا الاكتشاف أنه ينفي بالدليل العلمي القاطع مزاعم بعض "المؤرخين" الذين ادعوا أن قدماء المصريين لم يعرفوا العملات النقدية وأنهم كانوا يتعاملون في البيع والشراء بنظام المقايضة أو مبادلة سلعة بأخري.

الطريف أن الاكتشاف توصلت إليه مجموعة بحثية خلال فحصها لآلاف القطع الأثرية الصغيرة الموجودة في مخازن المتحف المصري والتي كان الأثريون يعتقدون أنها مجرد تمائم أو تعاويذ, فقد تبين من الفحص الدقيق أنها عملات نقدية مدون عليها تاريخ سكها وقيمتها او الحكام الفراعنة الذين صدرت في عهودهم, وبعضها يرجع إلي الفترة التي عاش خلالها سيدنا يوسف بمصر وبعضها يحمل صورته واسمه! وكان الاعتقاد الخاطئ آنذاك أنه كانت تتم مقايضة القمح المصري بسلع أخري, لكن المفاجأة هي أن آيات القرآن الكريم تشير بوضوح إلي أنه في عهد يوسف كانت مصر تتعامل بالنقود.

حكاية هذا الكشف يرويها رئيس المجموعة البحثية الدكتور سعيد محمد ثابت رائد جمعية محبي الآثار والذي قال إنه في أثناء بحثه حول آثار النبي يوسف عليه السلام عثر علي تمائم كثيرة في مخازن هيئة الآثار بالمتحف المصري ودلت علي أزمان مختلفة قبل وبعد الوزير يوسف ومنها عملة تحمل صورته باعتباره وزير الملك وهو القائم وقتها علي الخزائن المصرية أو في وظيفة وزير المالية في زمننا, فكان الشائع بين الباحثين وعلماء الآثار أنه لم يتم تداول عملات في تلك الحقبة ولم تكن فكرتها موجودة من الأساس وحتي الحقب المتأخرة من التاريخ المصري القديم, وكان المعتقد أن المعاملات التجارية كانت تتم بطريقة المبادلة أو المقايضة, فتكون مثلا بكمية من القمح في مقابل كمية مساوية من التمر أو الفاكهة أو غيرها.

المعلومة الأخيرة

وأضاف الباحث أن ما يؤيد هذا التوجه بالاعتماد علي المبادلة هو عدم اكتشاف عملات أثرية في مقابر المصريين القدماء أو ضمن الأثاث الجنائزي الذي يحتفظون به في المقتنيات الخاصة بمقبرة المدفون لما بعد عودة الحياة له.

وأضاف الدكتور سعيد ثابت أنه بدأ بحثه من خلال المعلومة الأخيرة التي دونها معظم علماء الآثار, فقام بفحص الكثير من تلك الأثاثات الجنائزية لدي كثير من الفراعين وضمن مقتنياتهم الخاصة والتي تكون ذات قيمة أثرية أو عقائدية أو تفاؤلية يحب الانسان أن يحتفظ بها منها قطع نقدية من عزيز عليه أو تفاؤلا بها أو استخدمت كتميمة أو تعويذة أو ربما للزينة خاصة المصنوع منها من الذهب أو الفضة, وبالفعل كشفت المدونات وهي بسيطة بالطبع أنها عملات مصرية قديمة لما فيها من بيانات تظهر قيمتها المادية ولاحتوائها علي صورة ملكية في الغالب.

ودعا ذلك المجموعة البحثية للعودة إلي نصوص القرآن الكريم, لتأكيد هذا المعني بوجود آيات تنص علي وجود عملات مصرية قديمة تداولها المصري القديم وكانت تعرف بالدينار كما في الآية (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزهدين) وكما ورد في دعاء موسي عليه السلام (ربنا اطمس علي أموالهم وأشدد علي قلوبهم), وهذا ما يؤكد وجود العملة والأموال الدالة عليها في هذه العصور, وكذلك في سورة القصص حينما قال قارون عن ماله: (إنما أوتيته علي علم عندي) إضافة إلي احتواء الآية علي كلمة خزائن مما يفيد بوجود العملات التي كانت تخزن بها.

الأسرة الثالثة

وقال الباحث: إن أبحاثه اعتمدت علي ما ورد في الأسرة الفرعونية الثالثة والتي ورد في بعض نصوصها ما يفيد بأن العملة المصرية القديمة في وقتها كانت تسمي "الدبن" وكانت قيمتها تعادل ربع جرام ذهب, وورد اسم هذه العملة في رسالة لرجل يسمي "تحوت ـ نخت" وكان "رسول" الملك للتفتيش علي الجسور المقامة علي نهر النيل, خاصة في أيام الفيضان وكان يرسل برسائل لابنه يطلب منه استئجار قطعة أرض ودفع إيجارها المطلوب في صورة عملات من الدبن وبعض نتاج الزراعة من المحاصيل, كما ورد اسم هذه العملة في مدونات أخري في عصر الأسرات الثالثة والسادسة والثانية عشرة بمسمي "الشاتي أو السات" وهي تقابل في القيمة عملة "الدبن", كما أن هناك رسما للسوق المصرية القديمة, يوضح طريقة البيع والتعامل التجاري من خلال التبادل أو المقايضة, ولكن يري أحد الباعة يطلب من المشتري ثمن البضاعة "بالدبن" وهي العملة التي كانت متداولة في زمانه ويوضح أحدهم يمد يده ليأخذ العملة.

تمائم وتعاويذ

وكشفت بحوث المجموعة البحثية برئاسة د. سعيد ثابت أيضا أن العملة النقدية التي ظن غالبية رجال الآثار وعلمائها أنها نوع خاص من التمائم أو التعاويذ, وظن آخرون أنها بعض من الحلي وقطع الزينة هي في الحقيقة عملات نقدية استنادا لعدة أسباب علي رأسها شيوع انتشار هذه العملات بين قطع الآثار المختلفة, واتخاذها للشكل الدائري أو البيضاوي وتميزها بسطحين أو وجهين أحدهما مكتوب ويعرف بسطح الكتابة, والآخر مرسوم ويعرف بالسطح المصور, وهو معروف عن القطع النقدية أو العملات المتداولة بيننا الآن, كما استند الكشف الأثري إلي احتواء السطح المكتوب علي اسم مصر وتاريخ حقبة زمنية وقيمة مادية, ويحتوي السطح المصور علي اسم وصورة أحد الملوك أو أحد الآلهة القديمة المصرية, أو أموز خاصة بأي من هذين الرسمين. وكذلك هناك دليل آخر يتضح في اختلاف أحجام هذه العملات والمواد المصنوعة منها والتي تشمل العاج وبعض الأحجار الخاصة الكريمة والنحاس والفضة والذهب وغيرها.
وأشار الباحث أيضا إلي أن تلك العملات خاصة المصنوعة من المعادن النفيسة أو الأحجار الكريمة مثل قطع الزينة أو حلي النساء كانت تتميز بوجود ثقوب حتي يمكن تعليقها علي الرقاب أو الصدور, واستعمل بعضها الآخر الذي احتوي علي صور الآلهة ونصوص لبعض الأدعية والتوسلات كمقتنيات توضع داخل لفائف المومياوات أو علي موقع القلب, في الوقت الذي تم فيه تشكيل القطع النقدية علي شكل أو هيئة حشرة الجعران, ومما أتاح سهولة هذه الملاحظة انه تم الاكتشاف الأول من نوعه, وجود نحو 500 قطعة منها بالمتحف المصري أطلقوا عليها تمائم وتعاويذ تم وضعها في المخزن في أدراج مغلقة وغير آمنة.
وتعرف الباحث علي أزمنة كثير من هذه العملات النقدية, خاصة تلك التي تحمل رموزا خاصة بزمن نبي الله يوسف عليه السلام, ومنها قطعة نقدية وحيدة تحمل مدونات كتابية وصورة رمزية لبقرة ترمز إلي منام الملك الذي حلم بسبع بقرات سمان وسبع عجاف. وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات, وكشف عن أن المدونات الكتابية في تلك الفترة المبكرة تميزت بالبساطة, وذلك لأن التدوين كان في بداياته, مما جعل هناك صعوبة في ترجمة المدون علي تلك العملات, ولكن مجموعة البحث توصلت إلي تلك الترجمة بمقارنتها بالنصوص الهيروغليفية الحديثة والمعروفة والأكثر قدما منها, فقد تم التدوين باستعمال مجموعة رمزية للملك, وهي عبارة عن الكأس الملكية المعروفة بالسقاية أو الصواع الذي كان يرمز دوما للملك.

رأس توت

وأن أكثر الأدلة علي صحة هذا الرمز وما يعنيه هو تمثال رأس توت عنخ آمون الذي صور فوق السقاية الملكية والموجودة حاليا بالمتحف المصري, إضافة إلي أنه يرمز إلي مصر بقطريها الشمالي والجنوبي علي هيئة رمزين علي جانبي السقاية بأعلي قاعدة تلك العملة النقدية, ويحتوي كل رمز منهما علي دائرة تمثل القطر أو مجموعة المدن المكونة لكل قطر, ورسم تكميلي لتأكيد وحدة تلك المدن داخل هذا القطر, وداخل مصر بصفة عامة, ثم يأتي بعد ذلك مدون اسم يوسف عليه السلام علي تلك العملة بمسماه الأصلي (يوسف) ومسماه المصري الذي منحه له ملك مصر عند توليه أمر الخزانة المصرية وهو: (سابا ـ سبني) واستعملت الحروف الهيروغليفية المشبكة أو المتصلة عند تدوين هذين الاسمين, فيقرأ الجزء الأول من كلمة يوسف علي اليسار, حيث يري حرف الياء والسين مشبكين من أعلي إلي أسفل, وحرف الفاء الذي يرمز له بالثعبان علي الجهة اليمني, ويقرأ في الوقت نفسه (سفيني أو سبني) من أسفل لأعلي ومن اليسار أيضا, حيث السين والياء أو الألف ثم الفاء والنون علي اليمين, والفاء يمثلها رأس الثعبان وجزء من جسمه, أما النون فهي بقية جسم الثعبان المموج وجميع هذه الحروف معروفة ومتداولة في اللغة الهيروغليفية, ويحتمل أن تكون قيمة هذه العملة المتعارف عليها في هذا الزمان هي الشكل الرمزي أي أن شكل البقرة تمثل عملتها وحدات معينة مثل عدد أرجلها والذيل الذي رسم بطريقة طويلة وغير عادية مكونا مجموعة من الرقم "5" وتكون هذه العملة 5 وحدات نقدية أو خمسة دراهم. ومنها ما هو يحتوي علي صورة للنبي يوسف الوزير الذي شارك في حكم مصر في هذه الأزمان.

ويناشد الدكتور سعيد ثابت هيئة الآثار المصرية ووزير الثقافة تكريس الجهود في التاريخ والآثار المصرية القديمة للاهتمام بهذا الكنز المصري وبدراسة المحتوي التاريخي لتلك القطع النقدية, التي تحمل أسماء لملوك وآلهة مصرية, وتواريخ مؤكدة لهؤلاء الملوك والحقب الزمنية التي عاشوا فيها وأصدروا فيها تلك العملات والتي من خلالها يمكن تصحيح كثير من الأخطاء التاريخية والتسجيلية عن التاريخ المصري القديم.